Site icon Qatar leaks

أسرار حريق النهضة.. هل احترقت ورقة الغنوشي؟

الغنوشي

تخبط كبير ما زالت تعيشه حركة النهضة الإخوانية في تونس منذ تنفيذ الإجراءات الاستثنائية التي فرضها الرئيس التونسي قيس سعيد ضدها في يوليو الماضي من إقالة الحكومة السابقة وتجميد أعمال البرلمان الذي كان تحت سيطرتها، وحتى اليوم تعاني النهضة من مشاكل عديدة أبرزها مشكلة ملفات الفساد التي صاحبت فترة حكمها لتونس، عدا عن الخلافات الداخلية التي عصفت بالحركة وهددت وجودها في البلاد التونسية.

ولا تكف النهضة اليوم عن محاولات التصعيد فمن المطالبة بإجراء انتخابات تشريعية ورئاسية جديدة في تونس إلى التهديد باقتحام البرلمان المجمد وإعادة تفعيل عمله قسرا.

بينما يرى المتابعون للشأن التونسي أن الحركة الإخوانية ترفع التصعيد من أجل التغطية على فسادها والملاحقات القضائية لجرائمها.

رحيل الغنوشي

وفي هذا السياق كشفت مصادر مطلعة لـQLeaks بأن زعيم حركة النهضة راشد الغنوشي يحضر نفسه للرحيل خارج تونس في خطوة مكررة كان سابقا قد لجأ إليها عندما تخلى عن إخوانه المسلمين في ثمانينات القرن الماضي في إطار صفقة مع الرئيس الراحل زين العابدين بن علي، نجا عبرها من حكم إعدام في عهد الحبيب بورقيبة.

الغنوشي

ووفق روايات موثقة، فإن الغنوشي سلم حينها لائحة بأسماء حركته التي كانت تسمى حينها “الاتجاه الإسلامي” مقابل الخروج من تونس، وهو ما حصل بالفعل، حيث توجه إلى الجزائر المجاورة ومنها إلى بريطانيا، تاركا قيادات أخرى وأنصاره بالسجون.

وتقول المصادر بأن الغنوشي يريد المغادرة إلى إحدى الدول العربية المتحالفة مع الإخوان، من أجل الحفاظ على الحركة قائمة في داخل البلاد، وأيضا هربا من المحاكمات التي تلاحقه بتهم الفساد والإرهاب.

إحراق الأدلة

اندلع قبل عدة أيام حريق في المقر الرئيسي لحزب النهضة التونسي بالعاصمة، وكان سبب الحريق بحسب وسائل إعلام تونسية هو إقدام أحد أعضاء الحزب المدعو “سامي السيفي” بإحراق نفسه داخل مقر الحزب الإخواني، وسارعت النهضة لاستثمار الحادثة بقولها أن سامي السيفي، “انتقل إلى رحمة ربه كواحد من ضحايا تعطيل الدولة لمسار العدالة الانتقالية وعدم إنصاف المساجين السياسيين الذين تعرضوا للظلم والقهر في العهد البائد وللترذيل والتشويه بعد الثورة”.

حريق غامض يلتهم مقر حركة النهضة

إلا أن شقيقة القتيل “سميرة السيفي” فجرت قنبلة من العيار الثقيل بتشديدها أن شقيقها وقع استدراجه بخطة محكمة ليذهب إلى مقر النهضة بالعاصمة، ولم ينتحر حرقا وتم تغطية ذلك بافتعال حريق.

وقالت: “خويا ما انتحرش وماهوش مخصوص ولا محتاج (أخي لم ينتحر ولم يكن في حالة عوز) ! هو ذهب لمقابلة الغنوشي بطلب من الغنوشي ! تم استدراج أخي بطريقة محبوكة وسنحاكم حركة النهضة”.

وبدورها كذّبت زوجة السيفي روايات النهضة حول وضعية زوجها، وقالت أن وضعهم المادي جيد وان زوجها لا يشكو من مرض نفسي وفتح منذ أيام مشروع خاص وقد وصلته مكالمة من النهضة تطلب منه لقاء الغنوشي في مكتب الحركة ليفاجئ بعدم وجوده في المكتب.

وبالفعل فقد أفادت عناصر منشقة عن النهضة بأن رئيس الحركة راشد الغنوشي تغيب، الخميس، عن اجتماع داخلي ليعوضه حضور نائبه علي العريض، لحظة اندلاع الحريق الذي أودى بحياة شخص وإصابة عشرات الأعضاء في الحزب، وهو ما لم تتعود عليه حركة النهضة منذ تأسيسها قبل 40 سنة.

وفي وقت تتواصل فيه تحقيقات الأمن التونسي بشأن الحريق وحادثة الانتحار المفترضة، تتواتر القراءات حول الحادثة، حيث يرى البعض أنه من الممكن أن يكون هناك بعض الحلقات المفقودة في الموضوع برمته، كأن يكون سامي يمتلك أدلة على تورط الغنوشي وبعض قيادات الإخوان في أحداث إرهابية استهدفت تونس، سواء بفترة ما قبل احتجاجات 2011 التي أوصلتهم للحكم أو بعدها.

وربما يكون السيفي، وهو أحد المتهمين من قبل النظام السابق بالتورط في عملية إرهابية قبل نحو ثلاثة عقود في سياق محاولات النهضة الانقلاب على النظام، وأحداث أخرى كلفته السجن لسنوات في تسعينيات القرن الماضي، ما يعني أن للرجل دور ما أو وزن معين داخل النهضة، وهو ما يقود بالتالي إلى احتمال وجود تقاطعات بينه وبين الغنوشي و/ أو قيادات إخوانية أخرى.

سامي السيفي

ومن جهته قال العقل المدبر والمنفذ لأحداث باب سويقة (تفجير مقرات أمنية عام 1991)، كريم عبد السلام وهو الصديق المقرب من الشاب سامي السيفي ضحية حريق المقر المركزي لحركة النهضة، إن “سامي أحرقه القهر قبل أن تحرقه النيران”، مشيرا إلى أن سامي “عمل لسنوات كمساعد استقبال في المقر المركزي لحركة النهضة، ثم تم الاستغناء عنه تعسفيا منذ عام ونصف، ما تسبب في تدهور وضعه الاجتماعي”.

وأضاف: “الغنوشي وبقية قيادات الحركة يجدون المليارات لإنفاقها في حفلات الزواج العرفي والحملات الانتخابية، ولا يجدوها لسامي السيفي العضو البسيط بالحركة”.

في المحصلة تشير الشهادات والقراءات حول الحريق بأن جميع الاحتمالات قائمة ورغم وجود العديد من الحلقات المفقودة والتفاصيل التي يبدو أن لا أحد يعرفها سوى السيفي وقيادات الإخوان، إلا أن معظم المتابعين للشأن التونسي يؤكدون بأن الحريق في مقر النهضة كتب السطر الأخير بحكاية الحركة الإرهابية وزعيمها الغنوشي.

Exit mobile version