‫الرئيسية‬ ثقافة الإخوان والسلفيون.. تعددت الطرق والهدف واحد

الإخوان والسلفيون.. تعددت الطرق والهدف واحد

العلاقة بين الإخوان والتيار السلفي تعود إلى حقبة مؤسس الجماعة حسن البنا.

بعد الوثائق والتسجيلات التي كشفها مسلسل الاختيار وأظهرت خيانة الإخوان المسلمين حتى لرفاق دربهم في ذات الفكر والعقيدة (السلفيين)، والضجة التي رافقت عرض تلك الوثائق على وسائل التواصل الاجتماعي والتفاعل الكبير معها، قام المرصد المصري، التابع للمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية بإصدار تقرير للباحث محمد فوزي بعنوان “توظيف متبادل: حدود وطبيعة العلاقات بين الإخوان والتيار السلفي”، والذي تطرق فيه للعلاقة بين الإخوان المسلمين والتيار السلفي، موضحا أن هذا التسريب أعاد العلاقة بينهما إلى الواجهة، وطرح العديد من التساؤلات حول طبيعة هذه العلاقة، والمحددات التي تحكمها، وهل هي علاقة صداقة أم عداء؟ وهي الأسئلة التي ستحاول هذه الورقة الإجابة عليها.

وأوضح التقرير أن العلاقة بين الإخوان والتيار السلفي تعود إلى حقبة مؤسس الجماعة حسن البنا، والذي عرّف جماعته في رسائله على أنها “دعوة سلفية، وطريقة سنية، وحقيقة صوفية، وهيئة سياسية، وجماعة رياضية، ورابطة علمية وثقافية، وشركة اقتصادية، وفكرة اجتماعية”، حيث كان هناك رغبة لدى البنا في مغازلة وكلاء ومريدي هذا الاتجاه في مصر، بما يخدم على المشروع السياسي الديني لجماعة الإخوان، وهو اعتبار ارتبط بتتلمذ البنا على يد “رشيد رضا” في مدرسة المنار.

حسن البنا مؤسس جماعة الإخوان المسلمين

ورشيد رضا يُعتبر الأب الروحي لتيار الإسلام السياسي في مصر، وتأرجحت العلاقات الإخوانية السلفية منذ حقبة البنا وحتى اليوم بين التحالف والتعاون في بعض الفترات، والصراع والتنافس في فترات أخرى، وقد كان المحدد الحاكم لطبيعة هذه العلاقات هو السياق السياسي والمصالح الحاكمة لكل تنظيم، لكن الإخوان حاولوا دائما الحفاظ على “نقاط تماس” مع السلفيين واستغلال حضورهم ذي الطابع الدعوي القوي في الشارع، بما يُخدم المشروع السياسي للإخوان.

ركائز علاقة الإخوان والسلفيين

وأشار التقرير، إلى أن العلاقات التاريخية حتى اليوم بين الإخوان من جانب والتيار السلفي من جانب آخر، قامت على بعض الركائز الرئيسية، وهي تبني خطاب خارجي (تجاه الدول والمجتمعات الغربية) يتبرأ فيه الإخوان من نهج السلفيين، وغلوهم وتطرفهم، ويحاول إظهار أن الإخوان هم التيار الأكثر اعتدالا في فضاء الحركات الإسلامية؛ سعيا إلى كسب دعم الدول الغربية، كذلك خطاب داخلي براغماتي موجه إلى التيار السلفي ذاته، ويُحدد طبيعة ومسار هذا الخطاب على أساس مصلحة الجماعة، فمثلا كان الخطاب الإخواني السائد في الفترة من 25 يناير وحتى ثورة الثلاثين من يونيو 2013، هو الدعوة إلى ضرورة الاتحاد والوحدة تحت راية “المشروع الإسلامي” المزعوم، خصوصا مع التغير الذي حدث في موقف السلفيين عقب ثورة الخامس والعشرين من يناير 2011 إزاء العمل السياسي.

ونتج عن مساعي التقارب الإخواني مع السلفيين أو بالأحرى الاستفادة منهم وتوظيفهم تحالف بين الطرفين في مرحلة ما بعد 25 يناير، وهو التحالف الذي برزت معالمه في حشد التيارين للتصويت بنعم في الاستفتاء على الدستور في 19 مارس 2011، أو “غزوة الصناديق” كما أطلق عليها الداعية السلفي “محمد حسين يعقوب”، ومنذ ذلك الحدث نشأ تحالف براغماتي بين الإخوان والسلفيين على قاعدة “المشروع الإسلامي” المزعوم لكليهما، حيث استغل الإخوان تمحور رؤية السلفين ومساعيهم حول فكرة “تطبيق الشريعة الإسلامية” من أجل الاستفادة من قدراتهم البشرية وقواعدهم الاجتماعية الواسعة التي كونوها خلال سنوات.

تدهور العلاقة

ولكن الخطاب الداخلي الإخواني الموجه إلى السلفيين قد اتخذ مسارا مختلفا في مرحلة ما بعد ثورة 30 يونيو 2013؛ فقد شهدت العلاقات الإخوانية بالتيار السلفي فترة توتر منذ هذا التاريخ، خصوصا بين الإخوان و”السلفية العلمية” التي تعبر عنها الدعوة السلفية في الإسكندرية وحزب النور، وذلك بسبب الموقف السياسي الذي تبناه هذا الاتجاه إزاء المتغيرات السياسية التي شهدتها مصر والإطاحة بحكم الإخوان المسلمين، وغلب على الخطاب الإخواني تجاه السلفيين منذ ذلك التاريخ لغة “التخوين والتكفير والتحريض” في سعي من الإخوان للانتقام من السلفيين بسبب موقفهم السياسي في مرحلة ما بعد الـ 30 من يونيو.

وقال القيادي في جماعة الإخوان الإرهابية خيرت الشاطر، في الفيديو الذي تم بثه في الحلقة الثانية لمسلسل الاختيار في جزئه الثالث، إن تنظيم الإخوان “اخترقت التيار السلفي، وزرعت أفراد للتجسس عليهم، ومعرفة خططهم وأفكارهم، وأعمالهم، ونقلها للأجهزة الأمنية”، وفق تعبيره، وهو ما يعكس أن أحد الآليات الرئيسية التي كانت جماعة الإخوان تعتمد عليها في التعاطي مع الاتجاه السلفي، كان فكرة “الجاسوسية والتجنيد” أو “أخونة السلفيين”، بما يضمن من جانب وجود أفراد داخل التيار السلفي يعبرون عن رؤية الإخوان ومصالحهم وتوجهاتهم، ومن جانب آخر معرفة الإخوان بالتطورات المختلفة التي تحدث داخل التيار السلفي، والتجسس على قادته وأعضائه، مع الإشارة إلى أن هذا النهج كان متبعا أيضا من قبل السلفيين، وفي ذلك دراسة مهمة للباحث المصري الراحل “حسام تمام” حملت عنوان “تسلف الإخوان”.

خيرت الشاطر

كان لمرشد جماعة الإخوان الأسبق “مصطفى مشهور” جملة شهيرة عن العلاقة بين الإخوان والسلفيين، حيث قال: “كلنا صفحات في كتاب واحد إلا أن صفحة الإخوان هي الصفحة الأكثر مصداقية والأكثر قوة والأكثر تأثيرا، بالتالي ينبغي أن تعمل باقي الصفحات على خدمة الصفحة الرئيسة”، وهي عبارة تعكس وتعبر عن المقاربة والنظرة الإخوانية إلى السلفيين، وهي النظرة التي ترى أن العلاقة يجب أن يحكمها “التبعية” وليس “المنافسة”.

نقاط تلاقي الإخوان بالسلفيين وأوجه اختلافاتهما

يلتقي الطرفان بفكرة “المشروع الإسلامي” المزعوم لكليهما إضافة إلى أفكارهما النظرية التي تدعو إلى السعي لإقامة مشروعهم الإسلامي المتخيل، وتطبيق الشريعة، وإزاحة رداء الجاهلية عن المجتمعات وفق مزاعمهم، وذلك من خلال “عصبة مؤمنة” (يعبر عنها أعضاء كل تنظيم من هذه التنظيمات)، وتوظيف الدين كأداة لتمرير هذه المشروعات.

كما يغلب على التيارات الإسلامية بشكل عام القراءة الانتقائية للنصوص الدينية، فضلا عن أن هذه القراءة تكون محكومة بالأطر الأيديولوجية والتوجهات السياسية لهذه التيارات، بغض النظر عن أي أطر أو محددات علمية أو أدبية.

الحركات الإسلامية

لكن الاختلاف بينهما يظهر في طريقة تعاطي كل من التيارين مع أهدافه المعلنة وكيفية تطبيقها على الواقع، إذ يغلب على التيار السلفي “الجمود” و”التشدد” خصوصا في المسائل الاعتقادية والشرعية التي يتمحور حولها الاهتمام السلفي، في مقابل ديناميكية وبراغماتية في التعامل الإخواني مع الشريعة ونصوصها، إذ يتم تطويع الشريعة بما يخدم المشروع السياسي للإخوان، فضلا عن “التقية” التي يتبناها الإخوان فتجد خطابا سياسيا يتودد إلى الغرب ويتقرب منهم، وتجد أدبيات وكتابات مُؤسسة داخل التنظيم ترسخ لفكرة “حتمية الصدام”، وهي براغماتية وديناميكية لا يتمتع بها التيار السلفي.

واختتم التقرير إن العلاقات الإخوانية السلفية هي علاقات يحكمها محددان “البراغماتية والتوظيف المتبادل” و”التنافسية”، وهي المحددات التي تجعل هذه العلاقات تشهد تقاربا في بعض الفترات، ويغلب عليها التنافر والصراع في أوقات أخرى، لكن في النهاية يظل التياران يدوران في فلك “التيارات الإسلاموية” التي تتقاطع في منطلقاتها الفكرية التأسيسية وهدفها الاستراتيجي، والتي تحاول توظيف الدين كأداة لتمرير مشاريعها الأيديولوجية التي تقوم على جملة من الأفكار المتطرفة، وتدفع باتجاه تنامي الظاهرة الإرهابية.

‫شاهد أيضًا‬

فضيحة من العيار الثقيل.. الفساد القطري يصل للأمير تشارلز

كشفت الصحافة البريطانية عن حصول ولي عهد المملكة المتحدة الأمير تشارلز على حقائب تحتوي على …