
مجاعة اليمن وحصان طروادة القطري
فقر الشعب اليمني كان مشروعًا سياسيًا رابحًا لقطر استثمرت من خلاله كثيرًا.
حرب ضروس تدور رحاها منذ أعوام تركت خلفها الويلات من خراب وقتل وتدمير ومجاعات في بلد كان يسمى سعيدًا وبات اليوم منكوبًا.
إنه اليمن الذي وإن تنفس أهله الصعداء من استراحة المتحاربين حولهم، لا يمكنهم إغفال أنين أحشائهم الفارغة التي تتصارع هي الأخرى مع بعضها لتقاوم الجوع الفتاك.

وحتى مجاعة هذا الشعب الطيب كانت مشروعًا سياسيًا رابحًا لبعض الدول استثمرت من خلاله كثيرًا مثلما استثمرت وتستثمر يوميًا في المعارك.
كانت قطر في مقدمة المستثمرين فالمال لعبتها السهلة، لتعلن وكالة الأنباء القطرية في الشهر الفائت أن أمير البلاد “وجه بتخصيص 100 مليون دولار أمريكي لدعم الأمن الغذائي ودرء المجاعة في اليمن”.
هذا المبلغ الهائل الذي بإمكانه سد الرمق وملء البطون تتبرع فيه قطر دون تردد أو مقابل، هذا ما لا يمكن أن يكون قطعًا، فقطر التي تتبرع اليوم للأعمال الخيرية حسب زعم وكالة الأنباء الرسمية هي ذاتها التي تبرعت بالأمس لدعم المتمردين في اليمن، وهي ذاتها من لعبت على الحبلين فاشتركت على مضض في قوات عاصفة الحزم في العام 2014 تماهيًا مع القرار السعودي، ودعمت الإرهاب أيضًا والإخوان والحوثيين وإيران إلى أن طردت من التحالف وقطعت الدول الخليجية علاقاتها معها.
العبث القطري في اليمن
ظهرت قطر في الساحة اليمنية بعد عام من تحقيق الوحدة اليمنية عام 1990 عندما دعمت ماليًا قيادات من تنظيم الإخوان الإرهابي لشراء عقارات بغية جعلها مقرات حزبية وجمعيات خيرية في المحافظات الجنوبية، وكان التنظيم حريصًا حينها على التواجد في المدن الرئيسة كافة.
وبعد فشل (وثيقة العهد والاتفاق) التي أبرمت برعاية أردنية لردم الخلاف بين شريكي دولة الوحدة نشبت حرب صيف العام 1994، وسارعت الدول العربية لدعوة طرفي الحرب لوقف الاقتتال والاحتكام لصوت العقل.
وبينما كانت المساعي تدعو للتهدئة، تكفلت قطر بتمويل القيادي في تنظيم الإخوان عبدالمجيد الزنداني لتمويل نقل المئات من المقاتلين لخوض الحرب التي نشبت في أبريل 1994.

وتوافد الأفغان العرب إلى اليمن من الصومال والسودان والبوسنة وأفغانستان، وشكلوا كتائب شاركت في الحرب الميدانية إلى جانب القوات الموالية لصنعاء.
دعم الحوثيين
تواجه قطر اتهامات عديدة بدعمها للحوثيين على مر عقود طويلة، وقد زادت الشكوك والأدلة من خلال توطيد علاقاتها مع إيران مؤخرًا، إلا أن الثابت تاريخيًا إيجاد وزير الخارجية القطري السابق حمد بن جاسم ثغرة سياسية لينفذ منها الحوثيون في حربهم الثالثة ضد الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح عام 2006، وكان ذلك عبر رعاية قطر للهدنة في الحرب حيث أبرمت صفقة ضمنت بموجبها وقف تقدم الجيش اليمني نحو منطقة مطرة الجبلية آخر معاقل المتمردين شمال محافظة صعدة، والتي كان يتواجد فيها زعيم الحوثيين عبدالملك الحوثي، مقابل أن يقيم شقيق مؤسس حركة الحوثيين يحيى ووالده بدرالدين الحوثي وعمه عبدالكريم مؤقتاً في الدوحة، وأن تتولى قطر دفع المساعدات والتعويضات وإعادة الإعمار.
وواصلت القيادة القطرية حينها الضغط على الحكومة اليمنية لإبرام اتفاق آخر لوقف الحرب الرابعة باتفاق ثان، وما لبثوا أن تنصلوا من جديد من الاتفاق، الذي كانت الحكومة ترفضه، ما دفع أمير دولة قطر السابق إلى زيارة صنعاء في مايو 2007 حاملاً معه هبات ومساعدات بنصف مليار دولار، ما أقنع الرئيس صالح بقبول الوساطة القطرية مرة أخرى ووقف الحرب بدلاً عن الحسم العسكري وإنهاء التمرد.

وترددت في تلك الأثناء أنباء محدودة التداول حول قيام قطر بدور الوسيط لنقل الدعم الإيراني للحوثيين، وخدمة هدفها أيضًا في استهداف السعودية.
غيض من فيض
معظم اليمنيين اليوم على الرغم من المجاعة متخوفين من المال القطري ومنحة الأمير المذكورة أعلاه والتي هلل لها الإعلام حيث بدأت أهدافها بالظهور إلى العلن فكانت جمعيّة الإصلاح التّابعة لحزب التّجمع اليمني للإصلاح “وهو فرع يمني لجماعة الإخوان المسلمين مدعوم من قطر وتركيا” تتولى توزيع المساعدات القطرية وتوطد الدّعاية الأيديولوجيّة والسّياسيّة للإخوان، بل وتحصر المعونة بمناصري الإخوان فقط، الأمر الّذي دفع المجلس الانتقالي الجنوبي لإغلاق مقرّ الجمعيّة.

كما حذر القيادي الجنوبي السّفير قاسم عسكر بأنّ ما تخطّط له جماعة الإخوان المسلمين هو تأسيس عاصمة ثالثة بديلة لعدن وصنعاء لتقسيم الجنوب إلى دولتين وثالثة في صنعاء.
عدا عن ذلك فقد وثقت التقارير الإعلامية سابقًا العثور على أسلحة وذخائر تحمل شعارات دولة قطر في أحد أوكار تنظيم الإخوان في مديرية المعلا في محافظة عدن داخل منزل عضو الإخوان رامز الكمراني.
هذا كله صنيع المال القطري الذي بات يهدد معظم المجتمعات نتيجة توجيهه لدعم المنظمات الإرهابية أينما وجدت، ما يشكل تهديدًا عالميًا يوجب التحرك للتصدي له وتحجيمه قبل ازدياد الحروب وتعاظمها، فالعالم اليوم يغص بما يكفي من الحروب وهو بغنى عن حروب جديدة تشعلها قطر.
فضيحة من العيار الثقيل.. الفساد القطري يصل للأمير تشارلز
كشفت الصحافة البريطانية عن حصول ولي عهد المملكة المتحدة الأمير تشارلز على حقائب تحتوي على …