‫الرئيسية‬ حقوق الانسان هل يجرؤ “المسافة صفر” على الاقتراب من السجون القطرية سيئة السمعة؟!

هل يجرؤ “المسافة صفر” على الاقتراب من السجون القطرية سيئة السمعة؟!

قناة الجزيرة تتجاهل انتهاكات حقوق الإنسان والاعتقالات التعسفية في قطر.

في 26 سبتمبر الفائت عرضت قناة الجزيرة صوت النظام القطري، حلقة خاصة من برنامج “المسافة صفر”.

يتناول بحسب ما زعمت أنها قصص مروعة عن انتهاكات جسيمة يتعرض لها أطفال البحرين، الذين يودعون سجن “الحوض الجاف” بتهم التحريض على قلب نظام الحكم والإرهاب.

بداية، وبالنظر إلى أن الجزيرة تمثل ساحة رئيسية لتصفية قطر لحساباتها السياسية ضد خصومها، بدا واضحًا بعد عرض “المسافة صفر” أن خطاب الجزيرة التحريضي تجاه البحرين لم يتغير حتى بعد توقيع اتفاق العلا في السعودية، إذ تواصل القناة التركيز على الانتهاكات البحرينية المزعومة لحقوق الإنسان، وقبل ذلك كانت اتهمت المخابرات البحرينية بالتورط بعلاقات مشبوهة مع “القاعدة” بهدف اغتيال معارضين بارزين، في إحدى حلقات برنامج “ما خفي أعظم”، الاتهام الذي دحضته السلطات البحرينية جملة وتفصيلًا، متهمة قطر “بالتآمر” وواصفة إياها “بالدولة المارقة”.

هناك بالتأكيد الكثير لمناقشته فيما يتعلق بأهداف الجزيرة بأوامر من النظام القطري لاستهداف البحرين، وكله يصب في مصب طموحات السياسة الخارجية لهذا النظام عبر إعادة التموضع الاستراتيجي لقطر والاصطفاف مع إيران، أو تسهيلها للقوات العسكرية التركية في منطقة الخليج العربي، أو دعمها الصريح للإخوان المسلمين والجماعات الإرهابية التابعة لها، كالقاعدة والنصرة.

لكن، هذا المقال يطرح تساؤلُا كان قد طرحه المغردون ردًا على “المسافة صفر” ألا وهو هل تجرؤ الجزيرة على الخوض في انتهاكات حقوق الإنسان في قطر أو التحدث ولو لمرة واحدة عن الاعتقالات التعسفية وظروف الاعتقال في السجون القطرية القريبة بأكثر من مسافة صفر عن مقر القناة في الدوحة؟!

يطرح هذا المقال أربعة نماذج لهذه الانتهاكات والاعتقالات بحق مواطنين قطريين ومقيمين في قطر، رووا تجاربهم القاسية على مرأى ومسمع من الرأي العام القطري والعالمي.

آل مرة.. وظلم ذوي القربى

البداية من اعتقال النظام القطري لـ27 مواطنًا قطريًا من أبناء قبيلة آل مرة، ومنهم سعيد بن علي آل دجران المري بعد ظهوره في مجلس هزاع بن علي المري، الذي اعتقل أيضًا عقب توجيهه رسالة جريئة لأمير قطر، للمطالبة بحل لجنة الدستور أو تأجيل انتخابات مجلس الشورى، حتى يتم التوصل إلى حل مع النظام القطري الذي يحرمهم من ممارسة حقهم الدستوري في الترشح بحجة أنهم متجنسون وليسوا قطريين أصليين.

مظاهرات في قطر

وكان متظاهرون قطريون عبروا في احتجاجات عارمة عن رفضهم لأول قانون انتخابي في البلاد يؤسس لما يسمى أول انتخابات تشريعية في البلاد، وتنظم عملية الترشح لمجلس الشورى، وطالبوا بوأد الفتنة وإخمادها عبر حل هذه اللجنة وإحالتها للتحقيق أو تأجيل انتخابات مجلس الشورى التي حث على العنصرية والتفرقة إلى أن يتم طرح آلية مدروسة لا تقصي أي مواطن قطري عن حقه الدستوري، الأمر الذي ردت عليه السلطات القطرية بحملة اعتقالات تعسفية لمواطنين رفضوا توزيع المواطنة على حسب أهواء النظام ومصالحه الشخصية.

علمًا أنه وبالعودة إلى الدستور القطري يتبين أن هذه الاعتقالات ما هي إلا إجحاف وانتقاص لحقوق حرية الرأي والتعبير والمواطنة، والتي نص عليها نظريًا في المواد “34 و20 و18” بأن جميع المواطنين متساوين في الحقوق والواجبات، وأن المجتمع القطري يقوم على دعامات العدل والإحسان والحرية والمساواة ومكارم الأخلاق، وتعمل الدولة على توفيق روح الوحدة الوطنية والتضامن والإخاء بين المواطنين كافة.

وفي فيديو مصور، تساءل ابن عم سعيد بن علي آل دجران المري “كيف لنا أن نرضى بهذا الذل والخنوع والمساس بكرامتنا بعد توزيع المواطنة وبأي حق تنتهك الحقوق؟!”.

حفيد مؤسس قطر.. وفخ التهم المفبركة

النموذج الثاني كان اعتقال الشيخ طلال بن عبد العزيز آل ثاني، رجل الأعمال المعتقل والمقيم في الدوحة، وحفيد الحاكم المؤسس لقطر أحمد بن علي، والذي كتبت زوجته أسماء أريان على صفحتها على تويتر في عام 2019 ظروف وملابسات اعتقاله التعسفي منذ 7 سنوات.

وجاء في تغريدتها: “سنوات من المعاناة لأطفالنا وأنا، والتعذيب واليأس بالنسبة له، عندما توفى والده، طلب زوجي على نحو سلمي ميراثه من الحكومة، لأنه حفيد مؤسس قطر، ووعدت الحكومة بالدفع من خلال المشاريع التجارية ووجهته بالتوقيع على ما يسمى بـ”شيكات ضمان” للاكتتاب فيها. أثبتت مشاريعهم أنها وهمية، فقد صممت لإيقاع زوجي في فخ تهم مفبركة بالتخلف عن سداد ديونه”.

وأضافت في تغريدة ثانية: “منذ اعتقاله دون مذكرة توقيف في فبراير 2013، حُرم زوجي من المحاكمة العادلة ومن الوصول إلى الأسرة، والرعاية الطبية، والمساعدة القانونية، والمراجعة من قبل محكمة محايدة. وصدرت بحقه حكماً تعسفياً لمدة 22 عاماً أثناء وجوده في السجن. إنه رهن الاعتقال بمعزل عن العالم الخارجي، ويعانى من ظروف صحية خطيرة أصيب بها في السجن”.

وفي يوليو/ حزيران الماضي نشرت أريان تدوينة مقتضبة، شاركت فيها بيانًا لمنظمة غير حكومية تابعة للأمم المتحدة حول الفساد القضائي في الشرق الأوسط مع التركيز على إيران وقطر وتركيا، وأكدت أن دراسة الحالة القطرية تخص عائلتها، وكيف أن زوجها يتعرض للتعذيب في الاعتقال التعسفي منذ 9 سنوات”.

ووفقًا لصحيفة ذا ناشيونال، ساعد المحامي الألماني مارك سوموس، فى تجميع آلاف الوثائق، التي تؤكد تعرض الشيخ طلال للاحتجاز فترات طويلة في الحبس الانفرادي، والاستخدام المتكرر للتهديدات على حياته، والحرمان من الخدمات الطبية، والظروف اللاإنسانية التي أدت إلى تطور مرض السكري والقلق والاكتئاب.

حارس أمن كيني.. ومزاعم تجنيده لصالح الإمارات

النموذج الثالث يتحدث عن اعتقال حارس الأمن الكيني “مالكوم بيدالي” منتصف مايو/ أيار الماضي، الذي كان يعمل في قطر منذ العام 2016، وتم اعتقاله من مكان إقامته في الدوحة، على خلفية سلسلة تدوينات كتبها باسم مستعار، وعرضًا تقديميًا عبر الإنترنت لمجموعات المجتمع المدني حول “قضايا حقوق العمال المهاجرين في قطر، بما في ذلك ساعات العمل الطويلة، والأجور، وظروف العمل غير الإنسانية”.

مالكولم بيدالي

وفور اعتقاله، أرسلت الشركة الأمنية التي يعمل لديها “GSS Certis”، رسالة عبر البريد الإلكتروني تسأل فيها: أين مالكولم؟ مالكولم بيدالي، الكيني الذي كتب مباشرة عن العمال المهاجرين في قطر، والمحتجز من قبل الأجهزة الأمنية القطرية”، وحثت الحكومة القطرية على الكشف عن مكان وجوده.

وقالت السفارة الكينية في الدوحة: “لم يتم إطلاعنا على الإجراء الذي تم اتخاذه ضده أو ما إذا كان قد تم عرضه في المحكمة”.

في وقت أكد متحدث باسم “Migrant-Rights.Org”، حيث اعتاد بدالي على التدوين: “من المقلق حقًا أن يتم اعتقال مالكولم من قبل أمن الدولة القطري، لدينا هنا رجل عمل في مناوبات مدتها 12 ساعة (لا يشمل وقت التنقل)، سبعة أيام في الأسبوع، يتحدث عما يعنيه العيش على هذا النحو. كيف يكون ما كتبه تهديدًا؟”.

وأصدر ائتلاف من المنظمات الحقوقية منها (العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش ومركز موارد الأعمال وحقوق الإنسان) بيانًا مشتركًا: “على الرغم من طلباتنا المتكررة للسلطات القطرية، ما زلنا لا نعرف مكانه والسبب الدقيق لاحتجازه، إذا احتُجز مالكولم لمجرد ممارسته السلمية لحقه في حرية التعبير، فيجب الإفراج عنه فوراً ودون قيد أو شرط “.

ورغم أن مسؤول حكومي قطري صرح للجزيرة باللغة الإنكليزية أن بيدالي “اعتقل وخضع للتحقيق لخرقه قوانين وأنظمة الأمن في قطر” دون أن يكشف عن معلومات حول التهم التي يواجهها بالضبط، وعنون تقرير لصحيفة الاندبندنت لاحقًا للإفراج عن مالكوم أن اعتقاله كشف مدى شكوك قطر.

وفي مقابلة مع الصحيفة في العاصمة الكينية نيروبي، قال الشاب إنه يعتقد أن مكتب أمن الدولة القطري (SSB) يشتبه في تعاونه مع منظمات حقوق الإنسان الدولية في محاولة لتشويه صورة قطر قبل مونديال 2022.

وأضاف أن ضباط استخبارات الدولة القطرية سألوه مرارًا وتكرارًا عمن كان على اتصال به بشأن التعاون مع جماعات حقوق الإنسان: “هل تعرف كذا وكذا؟ هل تعلم أنه قبل أن ينتقل إلى هذه المنظمة كان يعمل في هذه الشركة التي يقع مقرها في الإمارات العربية المتحدة، كانوا يعرفون أشياء عن الناس”.

وقبل أيام غرّد بيدالي على حسابه الرسمي في تويتر: “منذ إطلاق سراحي، أردت أن أقول شيئًا عما حدث، ولكن بسبب مخاوف أمنية، وعدم معرفة من أين أبدأ، حسنًا اعتقلت من قبل السلطات القطرية لتحدثي بشكل أساسي عن حقوق العمال المهاجرين وتبادل خبراتنا، أيضًا بزعم التعامل مع عملاء أجانب لنشر معلومات مضللة”.

مارونجي وفضائح امتيازات الدواعش في سجون قطر

لسوء حظ السلطات القطرية أن أحد الشهود على سجون قطر سيئة السمعة، هو رجل الأعمال والكاتب الفرنسي الشهير جان بيير مارونجي، الذي نقل للرأي العام الفرنسي والعالمي عبر أكثر من مقابلة وندوة، ما شاهده بأم العين على مدار 1744 يومًا من الاعتقال من فظاعات وانتهاكات لحقوق الإنسان في زنازين الموت القطرية.

جان بيير مارونجي

وقدم مارونجي أدلة دامغة عن ظروف اعتقاله الصعبة، وإنكار حقه في محاكمة عادلة أو إصدار حكم، وحرمانه من الاتصال بمحام للدفاع عنه، أو الوصول إلى البعثة القنصلية لبلده لتوكيل محام للدفاع عنه.

أما التهمة الملفقة التي اعتقل بسببها، فتمثلت حسب قوله في تواطؤ سلطات النظام القطري مع الكفيل والشريك القطري أحد أفراد العائلة المالكة، الذي استغل “نظام الكفالة” لهضم حقوقه، والاستحواذ على كافة الحصص في الشركة، وأوضح: “وعندما رفضت وجدت نفسي معتقلاً في سجون قطر في ظروف شنيعة”.

وكشف مارونجي المآسي التي تعرض لها هو أو غيره من السجناء في السجون القطرية والمتعلقة بالتعذيب الجسدي أو النفسي في التحقيق وانتزاع الاعترافات، وسوء التغذية “طعام تعافه حتى الجرذان”، وسوء الرعاية الصحية، ومنع الاتصال بالأصدقاء أو العائلة بأي وسيلة، والحرمان من النوم، والضرب والإهانات اللفظية من حراس السجن والاعتداء من قبل السجناء الآخرين دون تدخل من حارس السجن لحماية الضحية، وفي بعض الأحيان كان حراس السجن يقدمون على قتل بعض السجناء ويتركون جثثهم على الأرض، بينما يرى الآخرون ما يحصل.

أما أقسى ما تعرض له فهو احتجازه في جناح واحد بالسجن المركزي مع أخطر السجناء “الدواعش” المتورطين في قضايا الإرهاب والقتل والجرائم المماثلة الخطيرة.

وكان هؤلاء يحظون بمعاملة خاصة من قبل حراس السجن من نوعية الطعام إلى حرية التنقل وامتلاك هواتف محمولة.

كما تحدث مارونجي عن مشاهداته من اضطهاد شيوخ العائلة المالكة القطرية الذين تم اعتقالهم دون محاكمات عادلة بسبب آرائهم ومطالباتهم العادلة واعتراضهم على سياسة النظام القطري.

‫شاهد أيضًا‬

فضيحة من العيار الثقيل.. الفساد القطري يصل للأمير تشارلز

كشفت الصحافة البريطانية عن حصول ولي عهد المملكة المتحدة الأمير تشارلز على حقائب تحتوي على …